کد مطلب:240895 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:186

الامام کالشمس الطالعة
فی روایة الكینی و الصدوق عن الرضا علیه السلام المشتملة علی أوصاف الإمام و فیها عدة تمثیلات منها قوله علیه السلام:

«الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم و هی فی الأفق بحیث لاتنالها الأیدی و الأبصار» [1] .

هو من أرفع تمثیل ضربه علیه السلام لبیان رتبة الإمام فی العالم كله لاینتظم إلا به كما أن الشمس من مظاهر انتظام العالم لولاها لاختل نظم المعاش فی النهار؛ قال تعالی: «و جعلنا النهار معاشا»، [2] و لانهار إلا بالشمس كذلك الإمام لولاه لاختل نظام القلوب و الأرواح و لفقدت أقواتها من العلوم و المعارف و بفقدها الهلاك و الإهلاك، هذا أحد وجوه الشبه بین الإمام و الشمس.

و منها: الجمال و البهاء لعالم الدنیا بالشمس، و سائر الأنظمة الجویة المنیرة أصلها الشمس و قیل: إن نورها من ضیاء الشمس قال تعالی: «هو الذی جعل الشمس ضیاء و القمر نورا»، [3] و كذلك الإمام هو شمس شموس الآفاق و الأنفس و جمالها و بهاؤها إذ جماله من جمال الله و بهاؤه من بهاء الله لأنه المتخلق بأخلاق الله عزوجل.

و منها: أن الغایة من خلق الشمس، وصول العالم إلی كماله الظاهری الممكن من جماد و نبات و إنسان و غیرها بشروقها و غروبها و فصولها الأربعة التی تترك لها الأثر المرغوب من ذلك، و كذلك الإمام الغایة من خلقه إكمال الآخرین و إیصالهم إلی كمالهم المنشود، أوقل إن الغایة من الإضاءة، و تربیة العناصر و الحیوانات و النباتات و الجمادات و كل شی ء بشروق الشمس و غروبها أن تصل إلی كمالها المرتقب، و الإمام هو المربی و هادی النفوس نصبه الله عزوجل عملا لذلك و نقصد من هذا ما هو شأن



[ صفحه 88]



الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام الذین هم هداة البشر منهم الأئمة الطاهرون الا ثناعشر المعصومون المقصودون بكلمة الإمام فی كلام الرضا علیهم السلام و غایة الغایات هی معرفة الباری جل جلاله العلم بالقدرة و الإحاطة المطلقة كما قال تعالی: «الله الذی خلق سبع سموت و من الأرض مثلهن یتنزل الأمر بیهن لتعلموا أن الله علی كل شی ء قدیر و أن الله قد أحاط بكل شی ء علما»، [4] و الإمام هو العالم بذلك و یعلم الآخرین.

و منها: الجلال و العظمة و الرفعة المتجلیة فی كمال الصنع و إتقانه فی الشمس و غیرها من الأنظمة السماویة، و الإمام كذلك فی صنعه العظمة و الجلال، ففی رضوی یصف المهدی «علیه جیوب النور تتوقد بشعاع ضیاء القدس»، [5] و علوی یصف النبی «كأن ماء الذهب یجری فی صفحة خده و رونق الجلال یطرد فی أسرة جبینه». [6] و إذا ثبت لواحد منهم ثبت لجمیعهم علیهم السلام، فیمكن أن یكون وجه التمثیل بالشمس أحد هذه الوجوه أو كلها و لعل أوجهها هو استنارة الخلق بنور الإمام لكونه نور الله المشرق فی الأرض كما جاء فی الزیارة الجامعة الكبیرة: «و أشرقت الأرض بنوركم» [7] فكما أن القمر و الكواكب كلها تستنیر بنور الشمس كذلك الكون كله مستنیر بنور الإمام فیكون تمثیله بها من هذا الوجه، فهنا أمران، نوریة الإمام و استنارة غیره به: و نوریة الشمس و استنارة المنظومة السماویة: القمر و الكواكب بها و هذا الوجه النوری أوجب تمثیل الإمام بالشمس و هو من أرفع الوجوه و أنورها.

و لإثبات الأمر الأول یقال:

لعل قول أمیرالمؤمنین علیه السلام فی كتابه إلی معاویة: «فإنا صنائع ربنا و الناس بعد صنائع لنا» [8] ناظر إلی الوجه المذكور بالنظر الدقیق و قد أشار إلیه ابن أبی الحدید فی شرحه له بمایلی:

قال علیه السلام: «فإنا صنائع ربنا، و الناس بعد صنائع لنا»: هذا كلام عظیم عال علی الكلام، و معناه عال علی المعانی و صنیعة الملك من یصطنعه الملك



[ صفحه 89]



و یرفع قدره، یقول:

لیس لأحد من البشر علینا نعمة، بل الله تعالی هو الذی أنعم علینا، فلیس بیننا و بینه واسطة، و الناس بأسرهم صنائعنا؛ فنحن الواسطة بینهم و بین الله تعالی، و هذا مقام جلیل ظاهره ما سمعت و باطنه أنهم عبدالله، و أن الناس عبیدهم [9] .

و اللفظ المروی عن الناحیة المقدسة: «و نحن صنائع ربنا و الخلق بعد صنائعنا» [10] .

و هو أشمل من اللفظ العلوی إلا أن یقال إنه الأصل و المهدوی الفرع فیحمل الفرع علی الأصل فی اللفظ و المعنی و أنهم علیهم السلام و سائط خلق الخلائق خصهم الله عزوجل بذلك دون غیرهم و قد جاء فی القدسی: «لولاك لما خلقت الأفلاك» [11] .

و اختصاص الأفلاك لعظمتها فیثبت غیرها بالطریق الأولی و ما رواه الشیخ الصدوق عن الصادق السلام مخاطبة الله آدم و حواء: فقال الله تعالی:

«لولا هم ما خلقتكما»، [12] و الدعاء الرجبی: «... فبهم ملأت سماءك و أرضك حتی ظهر أن لا إله إلا الله». [13] و المراد من كل ذلك نور الوجود فی العالم بالموجود النوری و المعصوم علة غایة الإیجاد للكون كله.

أما الثانی أی استنارة القمر و الكواكب فقد ذكره المجلسی فی كتاب السماء و العالم بتفصیل فراجع [14] .

ثم هنا وجه آخر لتمثیل الإمام بالشمس بأن یراد من الشمس رسول الله (ص) و الإمام القائم مقامه فلذا قال كالشمس و الصادقی دال علیه [15] .



[ صفحه 90]




[1] أصو ل الكافي 200:1، و عيون الأخبار 172:1، و حرف الهمزة مع الراء.

[2] النبأ: 11.

[3] يونس: 5.

[4] الطلاق: 12.

[5] إثبات الهداة 456:3.

[6] النهاية 359:2، في (سرر). و من العظمة و الرفعة في البحار 212:58.

[7] المفاتيح 549.

[8] النهج 182:15، كتاب 28.

[9] شرح النهج 194:15.

[10] الاحتجاج 278:2 و البحار 178:53.

[11] مجمع النورين و ملتقي البحرين ص 14.

[12] الجواهر السنية 255 من كتاب معاني الأخبار.

[13] الإقبال 646 و المفاتيح 134.

[14] البحار 151:58.

[15] تفسير البرهان 467:4 لقوله تعالي: «و الشمس و ضحها. و القمر إذا تلاها» و انظر المثل «الإمام البدر المنير» حرف الهمزة مع الميم. و الأمثال النبوية 281:2، رقم المثل 576، حرف الميم مع النون. مجمع النورين و ملتقي البحرين ص 14.